تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ثم أنشأناه خلقا آخر}

صفحة 329 - الجزء 4

قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ}.

  احتج أبو حنيفة: بهذا على أن من غصب بيضة فأفرخت عنده بالحضن منه أنه يضمن البيضة ولا يرد الفرخ، والدلالة محتملة؛ لأنه يقال: ولو كان ذلك خلقا آخر فمن أين أخذت أن الغاصب يملكه.

  وهذه المسألة اختلف فيها العلماء.

  قال الهادي، وأبو حنيفة، ومالك: إذا فعل الغاصب بالمغصوب ما يزيل اسمه ومعظم منافعه: كأن يطحن الحنطة، أو يخبز الدقيق، أو يبذر بالحب، أو يصير البيضة فراخا، أو نحو ذلك، فإن ملك المالك يزول.

  وقال المؤيد بالله، والناصر، والشافعي: لا يزول.

  وأبو علي فصل فقال: إذا فسدت العين ملك كالحب إذا بذر به، وكذا يأتي في البيض إذا صار فراخا، لا إذا لم يفسد كالحنطة بطحنها.

  قال المؤيد بالله: وهذا ليس بقول ثالث؛ لأنه أخذ من كل قول بطرف، فلم يخرج عن قول العلماء.

  ومن حجج القول الأول: شاة الأسارى، وكذلك قوله #: «الزرع للزراع وإن كان غاصبا» وهو يحتمل أنه أراد وإن كان غاصبا للأرض، ويحتمل وإن كان غاصبا للبذر، فيحمل عليهما، والدلالة محتملة.

  وحجة القول الثاني: استصحاب الحال، وإن تغير الاسم، وزوال معظم المنافع لا تبطل ملك المالك، كما لو فعله المالك بنفسه.

  قوله تعالى: {فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ} يعني المقدرين.

  قال الحاكم: وفيها دلالة على إطلاق الخالق على غير الله تعالى.

  قال: ولكن إنما يجوز مع التقييد لا مع الإطلاق، فأما مع الإطلاق فلا يسمي به غير الله.