قوله تعالى: {ثم أنشأناه خلقا آخر}
قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ}.
  احتج أبو حنيفة: بهذا على أن من غصب بيضة فأفرخت عنده بالحضن منه أنه يضمن البيضة ولا يرد الفرخ، والدلالة محتملة؛ لأنه يقال: ولو كان ذلك خلقا آخر فمن أين أخذت أن الغاصب يملكه.
  وهذه المسألة اختلف فيها العلماء.
  قال الهادي، وأبو حنيفة، ومالك: إذا فعل الغاصب بالمغصوب ما يزيل اسمه ومعظم منافعه: كأن يطحن الحنطة، أو يخبز الدقيق، أو يبذر بالحب، أو يصير البيضة فراخا، أو نحو ذلك، فإن ملك المالك يزول.
  وقال المؤيد بالله، والناصر، والشافعي: لا يزول.
  وأبو علي فصل فقال: إذا فسدت العين ملك كالحب إذا بذر به، وكذا يأتي في البيض إذا صار فراخا، لا إذا لم يفسد كالحنطة بطحنها.
  قال المؤيد بالله: وهذا ليس بقول ثالث؛ لأنه أخذ من كل قول بطرف، فلم يخرج عن قول العلماء.
  ومن حجج القول الأول: شاة الأسارى، وكذلك قوله #: «الزرع للزراع وإن كان غاصبا» وهو يحتمل أنه أراد وإن كان غاصبا للأرض، ويحتمل وإن كان غاصبا للبذر، فيحمل عليهما، والدلالة محتملة.
  وحجة القول الثاني: استصحاب الحال، وإن تغير الاسم، وزوال معظم المنافع لا تبطل ملك المالك، كما لو فعله المالك بنفسه.
  قوله تعالى: {فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ} يعني المقدرين.
  قال الحاكم: وفيها دلالة على إطلاق الخالق على غير الله تعالى.
  قال: ولكن إنما يجوز مع التقييد لا مع الإطلاق، فأما مع الإطلاق فلا يسمي به غير الله.