قوله تعالى: {كلوا من الطيبات}
  يقوم دليل الإباحة؛ لأن إيلام الحيوان محظور عقلا، واختار الأمير الحسين أنه على الإباحة، وقد تقدم هذا.
  قال في التهذيب: وروي أن عيسى # كان يأكل من غزل أمه فنبه بالآية أن النبوة لا تحرم الطيبات، وهذا هو الظاهر لمجيئه عقيب قوله تعالى: {وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ}[المؤمنون: ٥٠].
  وقيل: أراد بالطيبات الحلال فيكون الأمر للتكليف وعلى الأول الأمر للترفيه.
  قال جار الله: قيل: طيبات الرزق حلال، وصاف، وقوام.
  فالحلال: الذي لا يعصى الله فيه.
  والصافي: الذي لا ينسى الله فيه.
  والقوام: ما يمسك النفس، ويحفظ العقل.
  فعلى هذا الحرام ليس من الطيب، فيلزم أن لا يجوز الوضوء بالماء المغصوب، ولا الصلاة في الثوب المغصوب، ونحو ذلك؛ لأنه انتفاع بغير الطيب.
  ولفظ {كُلُوا} إنما ذكره لأنه معظم الانتفاع، والمراد انتفعوا من الطيب لا من غيره، وجاء في الحديث عن رسول الله ÷: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا».
  وجاء حديث ابن عمر عنه #: «لو أن رجلا كان له تسعة دراهم من حلال وضم إليها درهم من حرام، فاشترى بالعشرة ثوبا لم يقبل الله فيه صلاته».
  قال الحاكم: وهذه تبطل قول بعض الصوفية في تحريم اللذات.