تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {كلوا من الطيبات}

صفحة 331 - الجزء 4

  يقوم دليل الإباحة؛ لأن إيلام الحيوان محظور عقلا، واختار الأمير الحسين أنه على الإباحة، وقد تقدم هذا.

  قال في التهذيب: وروي أن عيسى # كان يأكل من غزل أمه فنبه بالآية أن النبوة لا تحرم الطيبات، وهذا هو الظاهر لمجيئه عقيب قوله تعالى: {وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ}⁣[المؤمنون: ٥٠].

  وقيل: أراد بالطيبات الحلال فيكون الأمر للتكليف وعلى الأول الأمر للترفيه.

  قال جار الله: قيل: طيبات الرزق حلال، وصاف، وقوام.

  فالحلال: الذي لا يعصى الله فيه.

  والصافي: الذي لا ينسى الله فيه.

  والقوام: ما يمسك النفس، ويحفظ العقل.

  فعلى هذا الحرام ليس من الطيب، فيلزم أن لا يجوز الوضوء بالماء المغصوب، ولا الصلاة في الثوب المغصوب، ونحو ذلك؛ لأنه انتفاع بغير الطيب.

  ولفظ {كُلُوا} إنما ذكره لأنه معظم الانتفاع، والمراد انتفعوا من الطيب لا من غيره، وجاء في الحديث عن رسول الله ÷: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا».

  وجاء حديث ابن عمر عنه #: «لو أن رجلا كان له تسعة دراهم من حلال وضم إليها درهم من حرام، فاشترى بالعشرة ثوبا لم يقبل الله فيه صلاته».

  قال الحاكم: وهذه تبطل قول بعض الصوفية في تحريم اللذات.