قوله تعالى: {لم يسرفوا ولم يقتروا}
  كثر. والإقتار: منع حق الله من المال، فأما في القرب فلا إسراف، وسمع رجل رجلا يقول: لا خير في الإسراف، فقال: لا إسراف في الخير.
  قال في عين المعاني: وعنه ÷: «من منع حقا فقد قتر، ومن أعطى في غير حق فقد أسرف».
  القول الثاني: أن السرف: مجاوزة في الحد في النفقة.
  والإقتار: التقصير مما لا بد منه، وبمثله أمر الله نبيه حيث قال: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ}[الإسراء: ٢٩]: وهذا مروي عن إبراهيم، ورجحه الحاكم؛ لأن الإنفاق في المعصية حرام لا من جهة أنه سرف.
  القول الثالث: أن السرف الأكل للتنعم واللبس للتصلف، وكان أصحاب رسول الله ÷ لا يلبسون ثوبا للجمال والزينة، ولا يأكلون للتنعم واللذة، ولكن يأكلون ما يسد جوعتهم، ويعينهم على عبادة ربهم ويلبسون ما يستر عوراتهم، ويكنهم من الحرة والبرد.
  وعن عمر ¥: كفى سرفا ألا يشتهي الرجل شيئا إلا اشتراه فأكله، وهو يقال: هذه حالة الزاهدين، وأما المباح فلا يعد صاحبه مسرفا، إلا مجازا.
  القول الرابع: أن الإسراف أكل مال الله بغير حق: وذلك مروي عن عون بن عبد الله.
  وقوله: {وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً} أي: قسطا وعدلا:
  وإياك مثلا مفرطا أو مفرّطا ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم
  وقد فصل المحققون من المحصلين فقالوا: الأحوال مختلفة:
  فمن وثق بالصبر فالإيثار أفضل، وليس بسرف، وقد قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ}[الحشر: ٩].