تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}

صفحة 142 - الجزء 5

  الجزع والكراهة، فالتجأ إلى الله تعالى أن يكفيه ذلك بالشفاء، أو بالتوفيق في دفعه، أو برده بالصبر الجميل.

  وروي إنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين فارتد أحدهم فسأل عنه فقيل ألقى إليه الشيطان أن الله تعالى لا يبتلي الأنبياء والصالحين، وذكر في سببه ثلاثة وجوه.

  قيل: أن رجلا استغاثه على ظالم فلم يغثه، وقيل: كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزه.

  وقيل: أعجب بكثرة ماله.

  قال في عين المعاني: وقيل: ذبح شاة فلم يطعم جاره الجائع.

  وقد أفادت قصته ثمرات:

  منها: ما في القصة أنه يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه لا يداهن الظالم، وأن العجب منهي عنه، وأن للجار حقا، وأن الشكاء على الله من البلاوي ليس بجزع ذكره الزمخشري، وقد قال يعقوب: {إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ}⁣[يوسف: ٨٦].

  قال الزمخشري: وكذلك شكوى العليل إلى الطبيب وأنه يتوجه الغيرة على المؤمن والحياطة لدينه؛ لأنه قد روي أن أيوب # كان يطلب الشفاء خيفة على قومه من الفتنة بوسوسة الشيطان؛ لأنه كان يوسوس إليهم أنه لو كان نبيا ما ابتلي، وأنه يجوز التوسل إلى الله تعالى بصالح العمل؛ لأنه قد روي أنه لم يبق منه إلا القلب واللسان، وكان في ذلك مناجاته: إلهي قد علمت أنه لم يخالف لساني قلبي، ولم يتبع قلبي بصري، ولم يهبني ما ملكت يميني، ولم أكل إلا ومعي يتيم، ولم أبت شبعان ولا كاسيا إلا ومعي جائع وعريان.

  قال الحاكم: ولا يجوز أن يبلغ مرضه حدا يستقذره الناس؛ لأن ذلك يؤدي إلى التنفير.