تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {كف أيديهم عنكم}

صفحة 226 - الجزء 5

  الحرم، قال روي أن مضارب رسول الله ÷ كانت في الحل، ومصلاه في الحرم، يريد بالمضارب الخيام، وفي ذلك دليل على فضل الصلاة في الحرم، وإنما قال: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} يعني: محله المعتاد وهو منى.

  وروى ابن جريج قال: قلت لعطاء: إن النبي ÷ هو وأصحابه نحروا الهدي وحلقوا بالحديبية حين أحصروا فقال: إنهم حلوا في الحرم، وتلا قوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}⁣[الحج: ٣٣] والحرم محلها، وفي الخبر عنه ÷: «منى كلها منحر، وفجاج مكة طريق ومنحر».

  إن قيل: هذا الاستدلال يقضي أن الحرم كله سواء في هدي العمرة والحج؟

  قلنا: الأفضل في الحج أن يكون ذبح هديه في منى؛ لأنه ÷ فعل ذلك، ولأنه موضع التحليل، والأفضل في العمرة أن يكون ذبح هديها بمكة؛ لأنه موضع التحلل، ولأن قد جرت به عادة المسلمين، فإن ذبح في غير ذلك لضرورة جاز بلا خلاف، وإن كان لغير ضرورة جاز أيضا، وإن ترك الأفضل على ما ارتضاه الاستدلال، وقد ذكره الفقيه محمد بن سليمان.

  وعن المنصور بالله: يكون تاركا للنسك فيجزي وعليه دم، وظاهر كلام اللمع، وصرح به في البيان لا يجزي وهو مستدرك عليه بأن يقال: إنما شرط الضرورة للذبح في غير مكة لئلا يترك الأفضل، والشافعي أخذ بما ورد أنه ÷ ذبح بالحديبية، وأنها ليست من الحرم.

  الحكم الثاني: أن يقال: هذا الهدي جعله رسول الله ÷ هديا للعمرة، فكيف ذبحه للإحصار؟