تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم}

صفحة 291 - الجزء 5

  قال جار الله |: فإن قلت: فلا أحد يملك نفسه عند مضرة تنزل به، ولا منفعة ينالها أن لا يحزن ولا يفرح.

  قلت: المراد الحزن المخرج لصاحبه إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر والتسليم لأمر الله، ورجاء ثواب الصابرين، والفرح الملهي عن الشكر، فأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه مع الاستسلام والسرور بنعمة الله مع الشكر فلا بأس بهما.

  وفي عين المعاني: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن ينبغي أن يكون الفرح شكرا بإعطائه لا بطرا، والحزن صبرا على قضائه لا ضجرا، إنما يذم من الحزن الضجر والجزع، ومن الفرح الأشر والبطر ولبزرجمهر⁣(⁣١): الفائت لا يتلافى بالعبرة، والآتي لا يستدام بالحبرة، قيل:

  لا تطل الحزن على فائت ... فقل ما يجدي عليك الحزن

  شتان محزون على ما مضى ... ومظهر حزنا بما لم يكن

  قال وعن قتيبة بن سعيد: دخلت على بعض أحياء العرب فإذا أنا بفضاء مملوء من الإبل الميتة بحيث لا تحصى، ورأيت شخصا على تل يغزل صوفا فسألته فقال: كانت باسمي فارتجعها من أعطاها، وأنشأ يقول:

  لا والذي أنا عبد من خلائقه ... والمرء في الدهر يصيب الرزء والمحن

  ما سرني أن إبلي في مباركها ... وما جرى من قضاء الله لم يكن

  قال في التهذيب: ومن كلام الصادق: يا ابن آدم ما لك تأسف على مفقود، ولا يرد إليك، ومالك تفرح بموجود ولا يترك في يديك.


(١) هكذا في الأصل ولم تستقم العبارة والصواب ما في تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٥٨ وقيل لبزرجمهر أيها الحكيم ما لك لا تحزن على ما فات ولا تفرح بما هو آت قال لأن الفائت لا يتلافى بالعبرة والآتي لا يستدام بالحبرة.