تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون}

صفحة 293 - الجزء 5

  الجميع، ولكن رعاها البعض منهم، فآتينا من رعاها، وهم الذين وصفهم الله بالإيمان أجرهم، والذي لم يرعها هم الأكثر الذين وصفهم الله تعالى بقوله: {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ} لأنهم كفروا بعيسى #.

  وقيل: {فَما رَعَوْها} لتكذيبهم بمحمد ÷ ومن آمن به، فقد رعاها.

  وقيل: إنهم نكثوا وعصوا، وتكون الرهبانية في شريعة عيسى # وجوبا.

  وأما في شريعتنا فقد قال ÷: «لا رهبانية في الإسلام».

  وقيل: الرهبانية ترك النساء، ولزوم الصوامع، وقيل: هي لحوقهم بالجبال والبراري، وروي ذلك مرفوعا إلى النبي #.

  وقيل: قد تم الكلام عند قوله: {وَرَحْمَةً} وقوله: {وَرَهْبانِيَّةً} هو ابتداء الكلام، ويوقف على قوله: {وَرَحْمَةً} وتنتصب رهبانية بفعل مضمر يفسره الذي بعده وهو ابتدعوها، فكأنه قال: وابتدعوا رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم، ولكنهم أوجبوها بمعنى: نذروها على نفوسهم ابتغوا بتلك رضوان الله، فمن رعاها ووفى بما نذر فله الأجر، ومن ترك رعايتها وحفظها وهم الأكثر فأولئك هم الفاسقون، فيكون الإيجاب من نفوسهم لا من الله تعالى، ويكون الابتداع على هذين الوجهين واردا للمدح، ويكون في شريعتهم أن النذر بالترهب يلزم، لا في شريعتنا لقوله ÷: «لا رهبانية في الإسلام».

  وقيل: دخلوا فيها فوجبت عليهم بالدخول، وإن لم ينذروا.

  وقيل: إن ابتداء الكلام بقوله: {وَرَهْبانِيَّةً} مبتدعة لم يأمرهم بها، ولكن ابتدعوها، ويكون هذا الابتداع ذم لأنهم كفروا ونكثوا وعصوا.

  وقيل: تزهدوا لطلب الشرف والمكيدة، وهذه الرهبانية ما كتبناها