تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين}

صفحة 320 - الجزء 5

  والثالث: له بأغلظ الأحوال، وسبب الخلاف أن قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ} محتمل هل المراد من لم يجد حال العود أو حال الأداء؟

  قال أهل القول الأول: علة الانتقال إلى الصوم العدم للرقبة، فسواء عدمها وقت وجوبها أو وقت أداء الصوم، أن العادم يجوز

  له الصوم عند العدم، ويعضد ذلك بالقياس على الطهارة، فإن من وجد الماء أول الوقت ثم عدمه آخر الوقت وأراد الصلاة جاز له التيمم إجماعا.

  قال أهل القول الثاني: قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} يؤذن أن وجوب الرقبة عقيب العود؛ لأنه جاء بالفاء وهي للتعقيب، ثم إنه تعالى عقب الصوم بنفي الوجود المذكور قياسا على الحد؛ لأنه حق يجب للتطهير، وإن قلنا بأغلظ الحالين فلأن فيه حيطة وقياسا على الحج، فإنه أيّ وقت قدر على المال لزمه، فكذا أيّ وقت قدر على العتق.

  الثانية: إذا شرع في الصوم لعدم الرقبة ثم وجدها قبل الفراغ من الصوم انتقل إليها؛ لأنه واجد فلا يجزيه الصوم مع الوجود، وإذا بطل إجزاء ما بقي بطل إجزاء ما مضى، وهذا مذهبنا وهو كالمتيمم إذا وجد الماء، ووافقنا المزني، والظاهر من مذهب الشافعي أنه لا يجب عليه أن ينتقل؛ لأن أصله أن من تلبس بالبدل لم ينتقل، والأفضل عندهم الانتقال.

  الثالثة: في تفسير هذا العدم، وذلك أنه يكون عادما بأحد أمرين:

  الأول: الفقر الذي لا يستطيع معه شراء الرقبة وهذا ظاهر، ولو توصل إلى سقوط الرقبة بذريعة وهي أن يهب ماله ممن يثق به جاز له ذلك كما يجوز في سائر الأيمان، ومن هذا قصة أيوب صلّى الله عليه حين أمره تعالى أن يضرب بالعثكول لئلا يحنث، وقد قال القاسم # فيمن حلف لا وصل أخيه بصدقة ماله فإنه يهبه ممن يثق به.