تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فمن لم يجد}

صفحة 323 - الجزء 5

  وأما صفة الصوم فقد وصفه الله تعالى بالتتابع وبأن يكون قبل التماس، فلو حصل تفريق لغير عذر استأنف وفاقا لدلالة الآية، وإن فرق لعذر ميئوس من زواله ثم زال جاز له البناء وذلك وفاق، فيخرج من مقتضى لزوم التتابع المذكور في الآية، وإن كان لعذر يرجى زواله كالمرض المرجو، فجوز أبو العباس وأبو طالب وقول للشافعي البناء قياسا على التفريق بالحيض في كفارة القتل، فإن ذلك وفاق.

  والذي صححه المؤيد بالله وهو ظاهر قول الأحكام، وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي أنه يجب معه الاستئناف، وإن فرق بالسفر فأبو العباس وأبو طالب قالا: يستأنف إلا أن يخشى مضرة، وحصل المؤيد بالله قولين:

  قال: ظاهر قول الأحكام يستأنف وظاهر قول المنتخب لا يستأنف، وقد تقدم طرف من هذا في سورة النساء، في كفارة القتل.

  وأما خلوه عن المسيس فهذا كلام أهل المذهب أنه إذا جاء جامع امرأته المظاهر منها ليلا أو نهارا، عامدا أو ناسيا قبل استكمال الشهرين فعليه الاستئناف، هذا خرجه أبو العباس للهادي #، وبه قال أبو حنيفة ومحمد، وابن أبي ليلى، والثوري، والنخعي، والليث، والحسن.

  وقال أبو يوسف والشافعي: لا يضر إن جامعها بالليل، وأما بالنهار، فإن كان عامدا استأنف وإلا فلا، ووجه كلامنا قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} فأوجب تعالى تقديم الصيام على المسيس وخلوه عن المسيس، فإذا فات التقديم لم يفت.

  الأمر الثاني: وهو خلو الصيام عن المسس ويكون المساس منافيا لصحة الكفارة، ويشبه بالحدث قبل الطهارة فإنه لا يبطل شيئا، وإذا غسل بعض الأعضاء فأحدث بطل الغسل، كذا يبطل ما تقدم من الصوم بالمسيس قبل كماله، والإجماع على صحة الكفارة بعد المسيس لفوات