قوله تعالى: {قال أوسطهم ألم أقل لكم لو لا تسبحون}
  قيل: كان المشركون إذا سمعوا ما للمؤمنين في الآخرة يقولون: إن صح ذلك فلا ينقص حالنا عن حال محمد وأصحابه، لما لنا فيه من الحظ، فرد عليهم الله تعالى فقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} وهذا استفهام يراد به الإنكار، وليس في ذلك دلالة على تفاوت الحال، وافتراقها في الدنيا، فلا يؤخذ من هذا أن الفاسق والمؤمن إذا أحضر إلى القاضي في دعوى رفع درجة المؤمن.
  وقال الناصر #: يسوي بينهما، فإذا أمضى الحكومة قرب أهل الخير والصلاح.
  وقال في الانتصار: ظاهر المذهب التسوية بن الرفيع والوضيع من الخصوم، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وقد جاء في الحديث: «من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه ولفظه» وافتراق مجلس الذمي من مجلس المسلم مخصوص بما رواه علي # حيث قال وقد خاصم الذمي وجلس في موضع أعلى منه: لو كان خصمي مسلما لما جلست إلا معه، ولكني سمعت رسول الله ÷ يقول: «لا تساووهم في المجلس، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم».
  وقال مالك: إذا كان المدعى عليه من أهل الفضل لم يأمر له الحاكم إذا كان ثم خصمة، وهذا مروي عن علي #.
  قال الإمام: والمختار أن الخصم إذا كان من أهل الفضل والعلم وخصمه من السوقة فإن الحاكم يسأل فإن كان له بينة أحضره ورفع مكانه وميزه عن خصمه، وإن لم تكن له بينة لم يحضره، وأمر بتحليفه.
  أما في سائر الأحوال فيجب تعظيم المؤمن والعالم؛ لأن الله تعالى قد رفع درجته على غيره. قال تعالى: {يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩] وقال تعالى: {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً}[السجدة: ١٨] وقال تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ}[الحشر: ٢٠].