تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا}

صفحة 458 - الجزء 5

  وقيل: يبقى الحسن كالاستدعاء إلى الدين، واختار هذا الإمام يحيى محتجا بقوله تعالى: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ}⁣[الأعراف: ١٦٤] والاستدلال بهذه الآية محتمل؛ لأنه لم يبين أن وعظهم مع علمهم بأنهم مهلكون، ولهذا قال: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}، وقد تقدم أطراف في هذه المسألة.

  قوله تعالى: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً}⁣[نوح: ٨ - ٩]

  هذا العطف يدل على أنه دعاهم ثلاث دعوات؛ لأن العطف يدل على المغايرة، وقد قال جار الله |: فعل # ما يفعله الآمر والناهي من البداية بالأهون، والترقي إلى الأشد فالأشد، فافتتح بالمناصحة في السر، فلما لم يقبلوه أتى بالمجاهرة؛ لأنه أبلغ، فلما لم يقبلوا أتى بالسر والمجهارة معا؛ لأن الجمع أغلظ من الإفراد.

  وثمرة هذا: أن الآمر والناهي يأتي بما يكون أقرب إلى النفع.

  وقوله تعالى: {يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً}⁣[نوح: ١١]

  دلالة على أنه يرغب من دعا إلى الدين بمنافع الدنيا والآخرة وذلك كثير في كتاب الله تعالى في سورة الصف {وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ}⁣[الصف: ١٣] وفي سورة الأعراف: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ}⁣[الأعراف: ٩٦] وفي سورة المائدة: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}⁣[المائدة: ٦٦] وفي سورة الجن: وأ {لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً}⁣[الجن: ١٦].