تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}

صفحة 535 - الجزء 5

  قيل: واستغفاره مما صدر منه من الصغائر، وقيل: لأن الاستغفار من التواضع وهضم النفس، فهو عبادة في نفسه.

  وعن النبي ÷: «إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة» وإنما كان دخول الناس في الدين منّة على رسول الله ÷ لسروره بذلك، وبلوغه مقصده في تمام مراده، ولأن ثوابه يكثر بكثرة أتباعه، ولأنه يباهي يوم القيامة بكثرة أمته، وقد كان ÷ يكثر قبل موته أن يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، استغفرك وأتوب إليك» والمراد بالفتح فتح مكة على ما هو الظاهر، وقيل: المدائن وهو خفي.

  ونزول الآية عدة لرسول الله ÷ بالنصر، وكان ÷ صالح قريشا عشر سنين يوم الحديبية، ودخل خزاعة في حلف رسول الله ÷، ودخل بنو بكر في حلف قريش، وكان بينهما شر في الجاهلية، فوقع بين بني بكر وبني خزاعة قتال فأعان قريش بني بكر سرا، وأصابوا منهم، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول الله ÷ يستنصره، وأنشد أبياتا فيها:

  إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا

  وقتلونا ركعا وسجدا ... فانصر هداك الله نصر أعتدا

  وادع عباد الله يأتوا مددا

  فخرج رسول الله ÷ فقال: «اللهم عم العيون والأخبار» وفتح مكة عنوة.

  قال الحاكم: وذلك إجماع أهل السير، والفقهاء، غير الشافعي فقال: فتحت صلحا، ولما دخل ÷ قال: «يا أهل مكة ما تروني فاعل بكم، قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» فأعتقهم رسول الله ÷، وقد كانوا له فيئا، ولعل ذلك في النساء والصغار؛ لأن البالغين من الذكور من كفار العرب الذين لا كتاب لهم لا يسبون،