تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}

صفحة 296 - الجزء 1

  الثمرة المطلوبة من ذلك:

  أن في ذلك دلالة على تحريم كتمان الحق، فيدخل في ذلك العلم، والشهادة، والفتوى، والتحديث بالعلم، وأن أخذ الأعواض على المحظور معصية كبيرة؛ لأن تعالى توعد على ذلك، وجعل أكل الأعواض سبب لأكل النار.

  وسبب نزول هذه الآية: أن أحبار اليهود كتموا ما في التوراة من صفة النبي ÷ لئلا تبطل عليهم الصلات والعطايا، وفي هذه الآيات اثنا عشر زاجرا عن كتمان الحق، وأخذ العوض على ذلك.

  الأول: أنه تعالى وصف العوض بالقلة، قيل: لأنه يفوت أعظم نفع، ويجلب أعظم ضرر، ولو كان كثيرا، وقيل: لأنه قليل في نفسه.

  الثاني: قوله تعالى: {أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} أي عاقبته النار، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً}⁣[النساء: ١٠] وقيل: لأنهم بأكل الحرام في الدنيا يأكلون النار يوم القيامة.

  الثالث: قوله تعالى: {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ} قيل: يعني بما يحبون، بل بما يغمهم من السؤال والتوبيخ، وقيل: ذلك كناية عن الغضب.

  الرابع: قوله تعالى: {وَلا يُزَكِّيهِمْ} يعني بالثناء عليهم.

  الخامس: قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}.

  السادس: وصف العذاب بالشدة، وأنه موجع مؤلم، بقوله تعالى: {أَلِيمٌ}.

  السابع: قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ}.

  الثامن: قوله تعالى: {بِالْهُدى}.