وقوله تعالى: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا}
  وقيل: في شراء الرقاب لتعتق، وقيل: في فك الأسارى، فيدخل في هذا من لزمه ظالم، أو حبسه عن سلوك طريق بر، إلا بفداء، وإذا كان هذا قربة، ومعروفا وبرا كان لولي اليتيم أن يفديه بماله إن حبس، وكان له أن يستفدي بعض المال ببعضه، وكذا للوديع وللمضارب ونحوهم من أهل الولايات أن يستفدوا بعض المال ببعضه، وهذا هو الذي يصحح للمذهب. وقد ذكره الشيخ أبو جعفر.
  وعن الأستاذ: أن المال الذي استفدي به يكون من مال الولي، وسيأتي زيادة في تحقيق هذه المسألة إن شاء الله تعالى في سورة الكهف عند أن يذكر خرق السفينة.
  وقوله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا} قال الحاكم: يدخل في ذلك عقود المعاوضات، والنذور، والأيمان. قال القاضي: ويدخل في ذلك العهود عند البيعة، من القيام بالنصرة، ولا يحمل على ما أوجبه الله تعالى ابتداء؛ لأنه تعالى أضاف ذلك إليهم.
  وقوله تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ} يعني: الفقر والشدة {وَالضَّرَّاءِ} المرض والزمانة {وَحِينَ الْبَأْسِ} يعني: وقت القتال، ولقاء العدو.
  واختلف في معنى ذلك، فقيل: أراد العطف على إيتاء المال، والمراد: وآتى الصابرين ما يلزم من معونتهم، وقيل: ليس بعطف بل مدحهم على صبرهم، وقواه القاضي لعدم الحاجة إلى التقدير.
  ونصب {وَالصَّابِرِينَ} على الإختصاص والمدح؛ إظهارا لفضل الصبر في الشدائد.
  قال الحاكم: فيدخل في ذلك الصبر على الطاعة، وعن المعصية، والصبر في إظهار الدين، وأذى المخالفين، وقرئ في الشاذ: {والموفين} وقرئ أيضا في الشاذ {والصابرون}.