تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {كما كتب على الذين من قبلكم}

صفحة 322 - الجزء 1

  وثمرة هذه الآية تظهر في بيان المعنى:

  فقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ} قد عرف معناه الشرعي: أي: فرض عليكم،

  وقوله تعالى: {كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} واختلف في وجه التشبيه في قوله تعالى: {كَما} وفي المراد بمن شبه بهم، ففي الكشاف في معنى الآية: أن الصوم عبادة أصلية قديمة، ما أخلى الله أمة من افتراضها، والمعنى: لم يفرض عليكم وحدكم، بل كتب على الأنبياء والأمم من وقت آدم إلى عهودكم.

  قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ¥: «أولهم آدم» فجعل التشبيه في أيجاب الصوم، والإشارة إلى الأنبياء قبله، وقيل: التشبيه في عدد الأيام، وهي أيام رمضان، كما كتب على أهل الانجيل، قيل: فرض عليهم رمضان، وكان وقوعه في البرد الشديد، والحر الشديد، فشق عليهم في أسفارهم ومعاشهم، فجعلوه بين الشتاء والربيع، وزادوا عشرين يوما كفارة لتحويله عن وقته، وأنه الأيام المعدودات، وقيل: أراد بالمعدودات: عاشوراء، وثلاثة أيام في كل شهر، فإنها كتبت على رسول الله ÷ حين هاجر، ثم نسخت بشهر رمضان.

  وقيل: التشبيه في صفة الصوم؛ لأنه كان من العتمة إلى العتمة، ولا يحل بعد النوم أكل ولا شرب، ولا نكاح، والمشار إليهم النصارى، وقيل: أهل الكتاب جملة، فكان المسلمون في صدر الإسلام إذا صلوا العشاء، أو ناموا حرم عليهم الفطر، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ} الآية، وسيأتي سبب نزولها، فعلى الوجهين الأولين لا نسخ في الآية، وعلى القولين الآخرين: فيها النسخ، إما في أيام الصوم، وإما في صفة الصوم.