قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}
  مجاهد، فإنه انتصب بفعل مقدر، أي: صوموا، أو بدل من قوله تعالى: {أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ}.
  وقيل: على الظر، أي: في شهر رمضان عن الأخفش.
  وعن أبي عبيدة: على الإغراء، كأنه قيل: عليكم شهر رمضان، كقوله: {ناقَةَ اللهِ}[الشمس: ١٣] ويدل على الوجوب قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} أي: حضر ولم يكن مسافرا، ويكون انتصابه [أي الشهر] على الظرفية، ليخرج المسافر، وقيل: {شَهِدَ} بمعنى شاهد، والأول هو الأظهر.
  واتفقوا أن الصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم أنه لا يلزمهما إلا صوم ما بقي دون الماضي، وأما المجنون إذا أفاق في بعض الشهر، فعند أبي حنيفة: يلزم الجميع.
  وعندنا والشافعي: لا يلزم إلا ما بقي، هذا إذا كان الجنون أصليا، وأما اليوم الذي بلغ، أو أسلم فيه فعندنا، وأبي حنيفة، والذي صحح للشافعي: أنه لا يجب قضاؤه.
  وعند مالك، وبعض الشافعية: يجب، واختاره الإمام في الانتصار للتفرقة بوجوب القضاء على الكافر ليوم إسلامه، لا على الصبي ليوم بلوغه، والفرق: بأن الكافر كان في أول النهار مكلفا.
  وقيل: من حضر أوله صام جميعه(١)، وذلك مروي عن علي #.
  وقيل: من شهد جميعه، وهو الأظهر، فأوجب تعالى الصوم حتما، ونسخ التخيير، وإن اتصل به في التلاوة؛ لأن الاعتبار بالنزول، ولذلك
(١) وهو قول أبي حنيفة.