تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}

صفحة 373 - الجزء 1

  وثمرتها:

  أن الأحكام الشرعية، كالزكاة، والعدد للنساء، والحمل تتعلق بشهور الأهلة، لا بشهور الفرس، أما ما يتعلق بالعقود والأفعال المتعلقة بفعل بني آدم فيتبع فيه العرف على حسابهم بالأهلة، أو بشهور الفرس؟ هذا حكم

  وحكم آخر، وهو: أن إحرام الحج ينعقد في غير أشهر الحج، لأنه تعالى عم الأهلة بأنها أشهر للحج؛ ولأنه تعالى جعل الأهلة لأمرين لحوائج الناس، وللحج، فكما أن الشهور كلها لمصالح الناس وحوائجهم، فكذا للحج، وتكون أشهر الحج كوقت الاختيار، وقبله كوقت الاضطرار.

  وقد روي عن علي #، وابن عمر، وابن مسعود: أن تمامهما أن تحرم لهما من دويرة أهلك، يعني: الحج والعمرة، ولم يفرقوا بين أن يكون ذلك في أشهر الحج، أو قبلها، وهذا قول القاسمية، وأبي حنيفة، وأصحابه، ورواية عن مالك، إلا أنه يكون مكروها قبل أشهر الحج.

  وقال الناصر، والشافعي، ورواية عن مالك: لا ينعقد الحج بالاحرام في غير أشهر الحج، لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ}⁣[البقرة: ١٩٧] أي: وقته، ولأن ذلك يشبه فعل الصلاة قبل دخول وقتها.

  قالوا: وينعقد الإحرام بعمرة، كما إذا أحرم بالصلاة قبل دخول وقتها كانت نافلة، ويقولون: قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} مخصص لقوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} والخلاف في الإفراد، أما الإحرام للتمتع، أو للقران، ففي زوائد الإبانة: لا ينعقد في غير أشهر الحج بالإجماع.

  ويحتج من صحح إحرام الحج في غير أشهره بإحرام العمرة، وبأنه ظرف للحج؛ فصح في غير أشهره، كطواف الزيارة.