قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}
  وعن ابن عباس: أنها نزلت في صلح الحديبية، لأنه ÷ صالح قريشا على أن يرجع عامه، ويعود في عام قابل، ويخلو له مكة ثلاثة أيام، فيطوف بالبيت، ويفعل ما يشاء، ورجع ÷ من فوره إلى المدينة، فلما كان في العام القابل خرج هو وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش، ويقاتلوهم، وكره أصحابه ÷ القتال في الحرم، وفي الشهر الحرام، فنزلت.
  والمعنى: قاتلوا من يقاتلكم في الحرم، ومحرمين، وقد دلت الآية على وجوب المقاتلة في سبيل الله تعالى، وهو الذي يكون لإعزاز الدين، وإعلاء كلمة الله تعالى، وهذا مذهب أكثر العلماء من أئمة العترة $، وفقهاء الأمة لهذه الآية الكريمة، ولغيرها من الآيات، نحو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ}[البقرة: ٢١٦] وقوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}[البقرة: ١٩١] وقوله تعالى: {وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ}[البقرة: ١٩٣] وغير ذلك.
  وقال ابن شبرمة(١): الجهاد تطوع، وليس بواجب، قال في الروضة والغدير: وهذا مروي عن الامامية، وكذا في النهاية عن عبد الله(٢) بن الحسن العنبري، وإذا قلنا: إنه واجب، فإنما يكون فرض كفاية عندنا، وهو قول مالك، وأكثر الفقهاء، وعن ابن المسيب: أنه فرض على الأعيان.
(١) عبد الله بن شبرمة - بضم المعجمة، وسكون الباء الموحدة، وضم الراء - ابن الطفيل ابن حسان الضبي ابن شبرمة، الكوفي، القاضي، أحد الفقهاء المشهورين، قال حماد بن زيد: ما رأيت أفقه من ابن شبرمة، وقال في التقريب: ثقة من الخامسة، مات سنة ١٤٤ هـ حديثه أقل من غيره، واشتهر بالفقه، روى له أهل الحديث، وذكره المرشد بالله في أماليه.
(٢) في نسخة (عبيد الله).