وقوله تعالى: {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة}
  وقيل: اذكروه بالاستغاثة به، كذكر الصبي لأبيه إذا قال: يا أبت، عن عطاء، والربيع، والضحاك؛ لأنه يفصح بقوله: (أبه) (أمه) ويلهج بذلك.
  وقيل: لا تنسوا المنعم في الأحوال، كما لا تنسون الآباء.
  قال في الثعلبي: عن أبي الجوزاء قلت لابن عباس: أخبرني عن قول الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللهَ} الآية، وقد يأتي اليوم على الرجل فلا يذكر أباه؟
  فقال ابن عباس: ليس كذلك بل أن تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك لوالديك إذا شتما
  قال أبو علي وغيره: (أو) في قوله: {أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} بمعنى الواو(١)، وقوله تعالى: {وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} أي: من نصيب.
  دلت الآية على أنه ينبغي الإهتمام بذكر الله سبحانه عقيب الطاعة، وفي المواضع الشريفة، وأن ذلك يكون الاهتمام به ألزم من الاهتمام بالأعراض الدنيوية.
  ودلت: على أنه لا ينبغي الاقتصار في الدعاء على غرض دنيوي لا يقرن بأمر أخروي.
  وعن أنس: كانوا يطوفون بالبيت عراة، ويقولون: اللهم اسقنا المطر، واعطنا على عدونا الظفر، وردنا صالحين إلى صالحين(٢).
  وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} المعنى: أن الناس بين مقل من ذكر الله وهم الأولون، وبين مكثر، وهم هؤلاء، فكونوا من المكثرين.
(١) وتكون بمعنى: بل. (ح / ص).
(٢) في أحوال الدنيا. (ح / ص).