قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة}
  دعوت عشيرتي للسلم لما ... رأيتهم تولوا مدبرينا
  أي: دعوتهم إلى الإسلام لما ارتدوا؛ لأن كندة ارتدت مع الأشعث بن قيس بعد وفاة النبي ÷. وقيل: هما لغتان في كل واحد من المعنيين، و {كَافَّةً}: حال من الناس(١)، أي: جميعكم.
  قال الزمخشري: ويجوز أن تكون {كَافَّةً} حالا من {السِّلْمِ} لأنها تؤنث كما تؤنث الحرب، قال الشاعر(٢):
  السلم تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب تكفيك من أنفاسها جرع
  والمعنى: أن المؤمنين أمروا بالطاعات كلها.
  [سبب النزول]
  قيل: نزلت الآية في عبد الله بن سلام، وذلك أنه استأذن رسول الله أن يقيم على السبت، ويقرأ التوراة في صلاته بالليل.
  وقيل: في قوم من اليهود طلبوا ذلك، وقيل: ذلك في جميع المؤمنين.
  الثمرة:
  ذكر سبب هذه الآية يدل على أنه لا يجوز التدين بما نسخ، وقد قال
(١) أي: من الضمير في {ادْخُلُوا} العائد على {الَّذِينَ آمَنُوا}.
(٢) الشاعر: هو العباس بن مرداس يخاطب خفاف بن ندبة، ويروي لعمرو بن معديكرب الزبيدي، والعباس بن مرداس هو: العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي من مصر، أبو الهيثم، شاعر، فارس، من سادات قومه، أمه الخنساء الشاعرة المعروفة، أدرك الجاهلية والإسلام، وأسلم قبيل فتح مكة، وكان من المؤلفة قلوبهم، ويدعى فارس العبيد، وهو فرسه، وكان بدويا وقحا، لم يسكن مكة ولا المدينة، وإذا حضر الغزو مع النبي ÷ لم يلبث بعده أن يعود إلى منازل قومه، وكان ممن ذم الخمر وحرمها في الجاهلية، مات في خلافة عمر. وقبل البيت:
إن تك جلمود بصر لا أويسه ... أو قد عليه فأحميه فينصدع