وقوله تعالى: {فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف}
  رواه جابر (أن رجلا زوج بنته، وهي بكر من غير أمرها، فأتت النبي ÷ ففرق بينهما).
  وهل في الآية دلالة على اشتراط الولي؟ أو دلالة على أن لها أن تزوج نفسها؟
  قلنا: أما اشتراط الولي فقد استدل بهذا أصحاب الشافعي على أن الولي شرط لأن قوله فلا تعضلوهن خطاب للأولياء، فلو كان للمرأة أن تزوج نفسها لم يكن لعضله فائدة، فلا ينهى عنه.
  وأجاب أصحاب أبي حنيفة: بأن الخطاب إن كان للأزواج فلا دلالة، وإن كان للأولياء، أو مشترك الدلالة فالمراد بالعضل المنع.
  وأما دلالتها على أن للمرأة أن تزوج نفسها فقد استدل أبو حنيفة على ذلك بأن قال: إن الله تعالى أضاف النكاح إليها، بقوله: {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ} وأضاف الرضاء إليها، دون الولي بقوله: {إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ} وكذا قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} فأضاف النكاح إليها، وبقوله تعالى في سورة البقرة: {فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وبقوله ÷ (الأيم أحق بنفسها) وقد أجبنا بأن النكاح يضاف إلى الإمرأة، وإن كان له شروط آخر فلا دلالة لهم.
  وقوله تعالى: {فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فإن من المعروف اعتبار شروط النكاح، وأيضا فالمراد بقوله تعالى {فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ} هو التعرض للنكاح على الوجه الشرعي، وأيضا فقد يقال: ناكحة بمعنى منكوحة، كراحلة بمعنى مرحولة، وإنما تأولنا بذلك لأنه قد ورد المنع صريحا، وذلك قوله ÷ (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) وعنه ÷ (لا تنكح المرأة المرأة، ولا المرأة نفسها) وفي بعض الأخبار (فإن الزانية التي تزوج نفسها) والقياسات الشبهية لا حكم لها مع صريح الأخبار.