وقوله تعالى: {وعلى المولود له رزقهن}
  والكسوة {بِالْمَعْرُوفِ} أي: على قدر الإيسار والإعسار، وإنما قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} ولم يقل: وعلى الوالد، قال الزمخشري: ليعلم أن الوالدات إنما ولدن لهم؛ لأن الأولاد للآباء، ولذلك ينتسبون إليهم، لا إلى الأمهات، وأنشد للمأمون بن الرشيد(١):
  لا تزرين فتى من أن يكون له ... أم من الروم أو سوداء دعجاء(٢)
  وإنما أمهات الناس أوعية ... مستودعات وللأبناء آباء
  وقد تضمنت هذه الجملة أحكاما هي ثمرات الآية الكريمة:
  الأول: وجوب إرضاع الأولاد مدة الرضاع، فمنتهاها الحولان، ويجوز الاقتصار على حسب الصلاح، ثم إن الوجوب على المولود له وهو الأب دون الأم، إلا أن لا يقبل إلا ثديها، أو لا توجد ظئر سواها.
  الثاني: أن الرضاع متى وجد في الحولين حرّم؛ لأن الآية قد فسرت بذلك.
  وروي ذلك عن علي #، وغيره، وهو لا يقوله # إلا توقيفا؛ لخصوصيته بالنبي ÷، وعصمته.
  الثالث: جواز أخذ الرزق، وهو الأجرة في مقابلة الرضاعة؛ لأنه تعالى عقب ذلك بالرضاعة، لكن إن حملت الآية على أن ذلك بعد الطلاق البائن فهو إجماع، وإن حملت على العموم من غير فرق فهذه مسألة خلافية، هل يجوز أن يستأجر الزوجة على إرضاع ولده منها أم لا؟ منع ذلك أبو حنيفة، والوافي، والقاضي زيد، قال الوافي: وكذا لا يجوز استجار
  أمة الزوجة، وكذا المطلقة رجعيا في عدتها.
(١) القائل بعض الشعراء.
(٢) وفي بعض النسخ (... أو سوداء عجماء)