قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد}
  المحمودة، وتثبيت القلب على حفظها، فجاء بوصفين في صدقة المؤمنين(١) يخالفان الوصفين، في صدقة من لا تقبل صدقته.
  ثم أكد تعالى ذلك بما ضربه مثلا من فوات المحاسن لمن يحتاج إليها غاية الحاجة، بقوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}[البقرة: ٢٦٦].
  قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}[البقرة: ٢٦٧]
  النزول
  قيل: كانت الأنصار تضع الصدقة في المسجد ليأكل منها فقراء المهاجرين، وكان بعضهم يأتي بالحشف فيدخله فيها، ويظن جوازه، عن ابن عباس، والبراء، وقتادة.
  وقيل: كان بعضهم يتصدق بشرار ثمراته، ورذال(٢) ماله، ويعزل الجيد لنفسه، فنزلت الآية عن علي #، ومجاهد، والضحاك.
  واعلم أنه تعالى قد ذكر ما يتعلق بصفة المنفق، وأنه يجب أن ينوي
(١) في قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.
(٢) الرذل: الدون الخسيس، وقد رذل فلان - بالضم - يرذل رذالة، ورذالا، فهو رذل.