وقوله تعالى: {إذا تداينتم بدين}
  وقوله تعالى: {إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} أي: داين بعضكم بعضا، أي: عامله بدين معطيا أو آخذا، وظاهره العموم، وهي دالة على إباحة ذلك؛ لأنه تعالى لما حرم الربا أباح المعاملة بالدين.
  وقال ابن عباس: المراد به السلم، وعنه «أشهد أن الله أباح السلم المضمون في كتابه، وأنزل فيه أطول آية».
  وقوله تعالى: {إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} دلالة أن من حق الأجل أن يكون معلوما كالسنة والشهر، ونحو ذلك لا إذا قال: إلى الحصاد، أو الدياس، أو مجيء الحاج، فإن ذلك لا يصح، وفي ذلك دلالة على أنه لا يطالب قبل حلول الأجل، لو لا ذلك لم يفد الأجل، وهذا إجماع فيما عدا القرض ونحوه(١).
  وقوله تعالى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ} هذه صفة للكاتب، وهو أن يكون موثوقا به، لا يحرف بزيادة ولا نقصان.
  قال الزمخشري: وإنما يحصل العدل إذا كان ديّنا فقيها، عالما بالشروط، وهذا أمر للمتداينين بتخير الكاتب، وأن يكون بهذه الصفة.
  وقوله تعالى: {وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ} هذا أمر ثان للكاتب بالكتابة، وقد اختلف في ذلك، فقال الشعبي، وجماعة من المفسرين: إن ذلك واجب على الكفاية كالجهاد، وصححه الحاكم.
  وقال السدي: يجب عليه في حال فراغه.
  وقيل: ذلك على جهة الندب.
  وقيل: نسخها قوله تعالى: {وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} هذه الأقوال من التهذيب.
(١) قوله (ونحوه) أروش الجنايات.