تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {والمستغفرين بالأسحار}

صفحة 159 - الجزء 2

  حقي، فقلت: اذهب إلى تلك البقر ورعاتها فخذها، فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، خذ ذلك البقر ورعاءها، فأخذه فذهب به، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك الكريم فافرج لنا ما بقي، ففرج الله ما بقي) وفي رواية (فخرجوا من الغار يمشون).

  قال النواوي: عن القاضي حسين من أصحاب الشافعي وغيره: إنه يستحب لمن وقع في شدة أن يدعو بصالح عمله، واستدلوا بهذا الحديث⁣(⁣١)، وقد صوب النبي ÷ هؤلاء، في هذا ترك الافتقار إلى الله تعالى

  قوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ}⁣[آل عمران: ١٧]

  هذا دليل أن السّحر يختص بفضيلة، قيل: لأن الإنسان عنده يكون أبعد من الشواغل فيتفكر، ويحاسب نفسه، ويتلافى ما فرط بالاستغفار.

  وقيل: إنما خصه بالذكر؛ لأن العبد يكون فيه قد فارق طيب المضجع، ولذة الفراش، وهجر صاحبته، وعبد الله.

  وقيل: لأنهم كانوا يقدمون قيام الليل، فيحسن طلب الحاجة، كما قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}⁣[فاطر: ١٠](⁣٢).

  وعن الحسن كانوا يصلون أول الليل، حتى إذا كان السحر أخذوا في الدعاء والاستغفار⁣(⁣٣).


(١) سيأتي للنواوي في قوله في آخر النساء: {وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} الآية أن هذا ينافي الإفتقار فلعل ما هنا لك اختياره، وما هنا اختيار القاضي حسين. (ح / ص).

(٢) {يَرْفَعُهُ} أي: يرفع الكلم الطيب، على أحد الوجوه، وكذا في البغوي: الرافع العمل الصالح.

(٣) هذا نهارهم، وهذا ليلهم. (ح / ص).