قوله تعالى: {إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا}
  الصغير لمنافع نفسها، ولذلك جعلتها(١) للغير، وذلك أنها قالت: اللهم إن لك علي نذرا شكرا إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس، فيكون من سدنته وخدمه، فحملت بمريم.
  وقولها: {مُحَرَّراً} أي: معتقا، لا يد لي عليه، ولا أشغله، ولا أستخدمه لشيء، بل يكون لخدمة بيت المقدس، وكان هذا النذر مشروعا عندهم.
  وروي أنهم كانوا ينذرون هذا النذر، فإذا بلغ الغلام خيّر بين أن يفعل أو لا يفعل.
  وعن الشعبي: معني {مُحَرَّراً} أي: مخلصا للعبادة.
  وهذا غير ثابت في شريعتنا؛ لأن الحر لا ملكة عليه.
  إن قيل: قد جرت عادة كثير من عوام الناس أن ينذروا بجزء من أولادهم للأئمة يقصدون بذلك سلامة المولود فما حكم هذا؟
  قلنا: هذا لغو، ولو قصد تمليكه كان عاصيا، وهم لا يقصدون ذلك، ولا يتعلق بذمتهم شيء بهذا النذر، وما يسلم للأئمة $ فعلى سبيل التبرك، فلو اعتقد الناذر أن ذلك واجب عليه لزم إعلامه بعدم الوجوب.
  وفي هذه الآية نكتة:
  قال المفسرون: أراد بامرأة عمران الناذرة، حنة بنت فاقود امرأة عمران بن ماثان، أمّ مريم البتول، جدة عيسى صلى الله عليه، وليست امرأة عمران بن يصهر، وهو أبو موسى وهارون، وبين العمرانين ألف سنة، وثمانمائة سنة.
(١) أي: المنافع، وفي نسخة (لذلك جعلته).