قوله تعالى: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون}
  وقوله تعالى: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} فيه وجهان:
  الأول: أنه أراد بذلك صلاة الجماعة، وهذا أمر بها، والمسألة خلافية بين العلماء، هل الأمر بالجماعة للوجوب، أو للاستحباب؟ الأكثر أنه للاستحباب، لقوله ÷: (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده بضعا وعشرين درجة).
  الوجه الثاني: أن في زمانها كان بعضهم يقوم في صلاته، ويسجد، ولا يركع، وكان بعضهم يركع، فأمرت بأن تكون مع(١) الذين يركعون، فتركع كما أنهم يركعون.
  قال جار الله: ويحتمل أنه أراد انظمي نفسك مع المصلين، وكوني في عدادهم، لا في عداد غيرهم.
  قوله تعالى: {وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}[آل عمران: ٤٤]
  قيل: أراد بالأقلام أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة، جعلوها للقرعة.
  وقيل: أراد أقداحهم للاقتراع.
  وثمرة الآية:
  أنه يجوز التخاصم لطلب الفضل، حتى يتميز واحد بمزية.
  ودلت على أن التمييز يحصل بالقرعة في الأمر الملتبس، وقد تعلق
(١) في نسخة (بأن تكون من الذين يركعون).