وقوله تعالى: {ذلك أدنى ألا تعولوا}
  وعن القاضي في توجيه قول الشافعي: أراد أن لا يكثر ما تعولون، فتقع الحاجة إلى زيادة النفقة، وهو قريب من توجيه الزمخشري(١).
  قال جار الله ¦: ولا يقال: الكثرة تحصل من الإماء؛ لأنهن مظنة قلة الولد، لجواز العزل.
= يعولهم، كقولهم: مانهم يمونهم، إذا أنفق عليهم، لأنّ من كثر عياله لزمه أن يعولهم، وفي ذلك ما يصعب عليه المحافظة على حدود الكسب وحدود الورع وكسب الحلال والرزق الطيب. وكلام مثله من أعلام العلم وأئمة الشرع ورؤوس المجتهدين، حقيقي بالحمل على الصحة والسداد، وأن لا يظنّ به تحريف تعيلوا إلى تعولوا، فقد روى عن عمر بن الخطاب ¥: لا تظنن بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا. وكفى بكتابنا المترجم بكتاب «شافي العيّ، من كلام الشافعي» شاهدا بأنه كان أعلى كعبا وأطول باعا في علم كلام العرب، من أن يخفى عليه مثل هذا، ولكن للعلماء طرقا وأساليب. فسلك في تفسير هذه الكلمة طريقة الكنايات. فإن قلت: كيف يقل عيال من تسرى، وفي السرائر نحو ما في المهائر؟ قلت: ليس كذلك، لأن الغرض بالتزوّج التوالد والتناسل بخلاف التسري، ولذلك جاز العزل عن السراري بغير أذنهن، فكان التسري مظنة لقلة الولد بالإضافة إلى التزوج، كتزوّج الواحدة بالإضافة إلى تزوج الأربع. وقرأ طاوس: «أن لا تعيلوا»، من أعال الرجل إذا كثر عياله. وهذه القراءة تعضد تفسير الشافعي | من حيث المعنى الذي قصده.
(١) ما ذكره هنا عن القاضي منقول من الحاكم، ولفظ الحاكم (وروي عن الشافعي معناه لأن لا يكثر عيالكم قال أبو العباس، وعند أكثر أهل اللغة هو غلط؛ لأن صاحب الإماء في العيال بمنزلة من له النساء، وإنما يقال: أعال يعيل إذا كثر عياله، قال القاضي: إنما أراد الشافعي أن لا يكثر ما تعولون فتقع الحاجة إلى زيادة النفقة، فيكون من هذا الوجه عائلا، قال: ولهذا الوجه ترجيح لأنه لو حمل على الجور لكان تكرارا، لأنه فهم ذلك من قوله {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} فالأليق أنه أراد ذلك أدنى أن لا تحتاجوا الى زيادة الإنفاق لكثرة العيلة، إلا أن المفسرين وأهل اللغة على خلاف ما قاله.