وقوله تعالى: {التي جعل الله لكم}
  وهذا مروي عن ابن عباس، وابن جبير، والحسن، والسدي، والضحاك، وقتادة، والشعبي. وقيل: نهوا أن يهبوا أموالهم من ولدوه ممن لا يصلحه.
  وقد يستدل بهذا أنه يجوز الحجر على السفيه، كقول الناصر #، والشافعي، والاستدلال به محتمل.
  وقوله تعالى: {الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ} قيما وقرأ {قِياماً} بالألف، والمعنى واحد، أي: تقومون بها، وتنتعشون(١) لو ضيعتموها لضعتم، فكأنها في نفسها قيامكم، وكان السلف يقولون: المال سلاح المؤمن، ولأن أترك مالا يحاسبني الله عليه خير من أن أحتاج إلى الناس.
  وكان لسفيان بضاعة يقلبها، فقال: لولاها لتمندل بي بنو العباس(٢)، وكانوا يقولون: اكتسبوا فإنكم في زمان إن احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه.
  وفي السفينة عنه ÷ أنه قال: (من طلب الحلال سعيا على أهله، وتعطفا على جاره، واستعفافا عن المسألة، لقي الله ونور وجهه كالقمر ليلة البدر) فهذا ترغيب في الكسب، وقد ورد الترغيب في ترك الطلب.
  والجمع بين الأخبار أن ذلك يختلف بحسب الأحوال، فمن الناس من يضعف عن الصبر [والشكر](٣)، وتناقص طاعاته بالفقر، فهذا ينبغي له كسب الحلال، ومنهم من يثق من نفسه بالصبر والشكر، ولا تناقص طاعاته، ولا يتغير قلبه، فهذا ينبغي له الإعراض عن أمر الدنيا.
(١) في بعض النسخ (وتتعيشون) وما أثبتناه في بعض النسخ، وهو الموافق لما في الكشاف.
(٢) وعن غيره (وقيل له: إنها تدنيك من الدنيا، فقال: لئن أدنتني من الدنيا لقد صانتني عنها) (ح / ص).
(٣) في بعض النسخ (يضعف عن الصبر) وقال في (ح / ص): في بعض النسخ حذف لفظ: والشكر، وهو أولى هنا.