تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فإن آنستم منهم رشدا}

صفحة 263 - الجزء 2

  إجماع، وإن كان المراد الحمل إليه، والرد فهذا محتمل، والذي يحققه المتأخرون أن هذا لا يجب، إنما عليه الإعلام والتخلية.

  وفي كلام الهادي # في من تساقط ثمر شجرته إلى أرض الغير، أو داره أنه يجب على صاحب المكان الرد، وهو يحتمل أنه أراد التخلية، وكذلك كلام القاضي زيد، والقاضي، وأبي مضر في المضارب إذا مات أنه يجب على ورثته الرد، وهو محتمل للتخلية، فيكون تقدير الآية الكريمة: وابتلوا اليتامى إذا قاربوا البلوغ، فإذا بلغوا، فإن كنتم {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} فالدفع معلق بشرطين: البلوغ، وإيناس الرشد، وجواب الشرط الأول وهو: {حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ} جملة أخرى من شرط وجزاء، وهي {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ}⁣(⁣١).

  ويصح أن يكون المعنى: وابتلوا اليتامى، فإن أنستم منهم الرشد فادفعوا إليهم أموالهم إذا بلغوا؛ لأن الابتلاء، وإيناس الرشد قبل البلوغ، وحتى هنا هي التي تدخل على الجمل، كقول الشاعر:

  بدجلة حتى ماء دجلة أشكل ... فما زالت القتلى تمج دماءها

  الأشكل: الأحمر⁣(⁣٢).

  وأما تحريم أكل مال اليتامى، فقد دلت على تحريمه، لكن قوله


(١) والجملة الواقعة بعدها جملة؛ لأن إذا متضمنة لمعنى الشرط، وفعل الشرط {بَلَغُوا النِّكاحَ} وقوله {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} جملة من شرط وجزاء، واقعة جوابا للشرط الذي هو {إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ} فكأنه قيل: وابتلوا اليتامى إلى وقت بلوغهم، فاستحقاقهم دفع أموالهم إليهم بشرط إيناس الرشد منهم. كشاف.

(٢) والشكلة: الحمرة، قال: (كذاك عتاق الطير شكل عيونها). وقيل: هو الأحمر الذي خالطه بياض. تمت (ح / ص).