وقوله تعالى: {محصنات}
  فلا حد، لكن اختلفوا ما أراد بالإحصان، فقيل: يعني إذا بلغن(١) فأتين بالفاحشة فعليهن النصف لا أن أتين بها قبل البلوغ فلا حد، وهكذا قبل العقل وبعده(٢)، وهذا ظاهر موافق للمذهب، ومنهم من حمل الإحصان على التزويج وعلى الإسلام، وقال: إذا زنت قبل ذلك فلا حد عليها، وهذا مخالف للمذهب، والمذهب وهو قول لأكثر العلماء أنها تحد بدليل آخر يعارض هذا المفهوم، نحو قوله ÷: «إذا زنت أمة أحدكم فليحدها»(٣).
  وقراءة حمزة والكسائي وعاصم (أَحْصَنَّ) بفتح الألف والباقون بضمها، فبالضم معناه: زوجن، أو حصنهن أزواجهن، وبالفتح معناه: أسلمن، أو حفظن فروجهن، أو بلغن، وقد دلت على أن حد الأمة النصف من حد الحرة، وهو خمسون.
  وهل يلحق بها العبد في التنصيف أم لا(٤)؟ مذهب الأكثر أنه لا حق؛ لأن علة التنصيف الرق لا الأنوثة، ويقولون: هذه العلة معلومة.
  وقال داود: لا ينصف للعبد.
  الحكم السادس
  يتعلق بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} يعني: إن تصبروا عن
(١) وقد جعله أحد معانيه في تهذيب الحاكم، أعني: البلوغ أحد معاني الإحصان.
(٢) يعني: لا حد قبل العقل، وبعد العقل يثبت.
(٣) أخرجه البخاري (٤/ ٤٣٢) كتاب البيوع (ح / ٢١٥٢٨)، ومسلم (٣/ ١٣٢٨) حديث (٣٠/ ١٧٠٣)، وأحمد (٢/ ٤٩٤)، وابو داود (٢/ ٥٦٦، ٤٤٧٠)، والحميدي (٢/ ٤٦٣ رقم ١٠٨٢)، وعبد الرزاق (٧/ ٣٩٢ رقم ١٣٥٩٧، ١٣٥٩٩)، وأبو يعلى (١١/ ٤١٩ رقم ٦٥٤١)، والبيهقي (٨/ ٢٤٢)، وللحديث مصادر أخرى عديدة وبألفاظ متقاربة تودي نفس للمعنى.
(٤) تفسير الطبري (٤/ ٢٦).