قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا}
  فنزلت(١)، وقيل: صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما وشرابا، فدعى نفرا من أصحاب رسول الله ÷ حين كانت مباحة، فأكلوا وشربوا، فلما ثملوا(٢) وجاء وقت صلاة المغرب قدم أحدهم يصلي بهم فقرأ: أعبد ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، فنزلت(٣)، فكانوا لا يشربون في أوقات الصلاة، فإذا صلوا العشاء شربوها، فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر، وعلموا ما يقولون، ثم نزل تحريمها.
  وقيل: أنه سكر النعاس وغلبة النوم، عن الضحاك، واستدل عليه بقوله #: «إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف لعله يدعو على نفسه وهو لا يدري»(٤).
(١) تفسير الطبري (٤/ ٩٨).
(٢) ثمل بالكسر ثملا إذا أخذ فيه الشراب فهو ثمل أي: نشوان تمت صحاح.
(٣) تفسير الطبري (٤/ ٩٨) وفي التهذيب للحاكم ما لفظه (قيل: أول الآية نزلت في ناس من الصحابة كانوا يشربون الخمر، ويشهدون الصلاة، وهم سكارى، فلا يدرون كم صلوا، وما يقولون في صلاتهم فنزلت الآية، فكانوا يجتنبون الخمر في أوقات صلاتهم حتى نزلت تحريم الخمر في سورة المائدة، وقيل: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر فاجتمع ناس في دار عبد الرحمن فشربوا فصلى بهم فقرأ: أعبد ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، في {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ}، فنزلت الآية ذكره الأصم، وذكر أن عمر قال عند ذلك: اللهم إن الخمر تضر بالعقول والأموال فأنزل فيها أمرك، فأنزل الله تعالى هذه الآية في المائدة، وعن زيد بن حبيب أن رجالا من الأنصار كانت أثوابهم في المسجد فيصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء، ولا يجدون ممرا إلا في المسجد فنزل قوله {إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ} الآية، وعن ابراهيم نزلت الآية في قوم من الصحابة أصابهم جراح، وعن عائشة أنها نزلت في قوم من الصحابة أعوزهم الماء في السفر، وروي عنها قالت: كنت في سفر مع رسول الله ÷ فحل عقدي فأخبرت به رسول الله ÷ فأمر بالتماسه فلم يوجد، فأناخ رسول الله ÷، وأناخ الناس فباتوا ليلتهم تلك فقال الناس: حبست عائشة الناس، وعاتبني ابو بكر، فلما أسفر الصبح لم يجد الناس الماء فنزلت آية التيمم، ووجدنا العقد).
(٤) أخرجه واحتج به الطبرسي في تفسيره (٥/ ١١٢).