تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}

صفحة 403 - الجزء 2

  وجه رسول الله ثم قال: «إسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يصل الجدر⁣(⁣١)، واستوف حقك، ثم أرسل إلى جارك» كان قد أمر بما فيه السعة فلما احفظ⁣(⁣٢) رسول الله استوعب للرجل حقه في صريح الحكم، ثم خرجا فمرا على المقداد وعنده يهودي، فقال: قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم، وأيم الله لقد أذنبنا مرة في حياة موسى فدعانا إلى التوبة وقال: اقتلوا أنفسكم ففعلنا، فبلغ القتلى سبعين ألفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا، فقال ثابت بن قيس بن شماس: أما والله إن الله يعلم مني الصدق لو أمرني محمدا أن أقتل نفسي لقتلتها.

  وروي أنه قال ذلك ثابت، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، فقال النبي ÷: «والذي نفسي بيده إن من أمتي رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي».

  دلت الآية على أن من لم يرض بحكم الرسول لم يكن مؤمنا، وقوله تعالى: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً} أي: شكا؛ لأن الشاك في ضيق من أمره.

  وقوله: {وَيُسَلِّمُوا} ينقادوا، وقوله: {تَسْلِيماً} كقوله: {وَيُسَلِّمُوا}، ويستوي ظاهرهم وباطنهم، ويدل على أن للأعلى في الأراضي أن يحبس الماء حتى يصل الجدار، وأنه مقدم على الأسفل، ويدل على أن للأسفل


(١) في الغيث: في غريب القرآن والحديث ما لفظه أن رسول الله ÷ قال للزبير: احبس الماء حتى يبلغ الجدر) الجدر هاهنا: المسناة، وهي للأرض كالجدار، وقيل: الجدر الجدار، وقيل: أصل الجدار، ورواه بعضهم حتى يبلغ الجدر، وهي جمع جدار، وبعضهم يرويه: الجذر بالذال المعجمة، يريد مبلغ تمام الشرب من جذر الحساب، والجذر بفتح الجيم وكسرها، وبالذال المعجمة أصل كل شيء، والمحفوظ بالدال المهملة، والله أعلم. (ح / ص).

(٢) أي: أغضب يقال: أحفظه أي: أغضبه