تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}

صفحة 109 - الجزء 1

  وقيل: لما خلق الله السموات والأرض والملائكة والجن أسكن الجن الأرض، والملائكة السموات، ففسد الجن في الأرض وأساؤا، فبعث الله تعالى جندا من الملائكة فطردوا الجن عن وجه الأرض وسكنوا الأرض. إلى أن قال ذلك لهم.

  وقيل: سمي خليفة؛ لأنه خليفة الله في أرضه، لكونه يحكم بالحق.

  وقيل: أراد أن آدم وذريته يخلف بعضهم بعضا، كلما هلكت أمة خلفتها أخرى، فيجوز أن يقال للإمام: الخليفة، وخليفة رسول الله.

  وأما خليفة الله فقال البغوي - من أئمة الحديث⁣(⁣١): لا يجوز لغير آدم وداود، فأما هما فجائز، قال الله تعالى: {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}⁣[البقرة: ٣٠] وقال تعالى: {يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}⁣[ص: ٢٦] وروي أن رجلا قال لأبي بكر: يا خليفة الله؟ فقال: أنا خليفة محمد⁣(⁣٢) ÷.

  وذكر الماوردي⁣(⁣٣): أن الناس اختلفوا في جواز قولنا: خليفة الله للإمام، فمنعه الجمهور، ونسبوا قائله إلى الفجور، وجوزه بعضهم لقيامه بحقوق الله تعالى في خلقه، ولقوله تعالى في سورة الأنعام: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ}⁣[الأنعام: ١٦٥] وهذا ظاهر قول الزمخشري: إن


(١) في ب (المحدثين) والبغوي: هو أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي، ويلقب بمحي السنة، فقيه، محدث، مفسر، نسبته إلى (بغى) من قرى خراسان بين هراة ومرو، له التهذيب في فقه الشافعية، وشرح السنة في الحديث، ولباب التأويل في معالم التنزيل في التفسير، وغير ذلك.

(٢) لغة لا شرعا.

(٣) الماوردي هو: علي بن محمد بن حبيب، أبو الحسن، الماوردي، أقضى قضاة عصره من العلماء الباحثين، له تصانيف كثيرة نافعة، ولد بالبصرة سنة ٣٦٤ هـ وتوفي سنة ٤٥٠ هـ.