قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}
  [الشورى: ٤١](١) وقد ذكره الزمخشري، واحتج بالحديث عنه ÷: «المستبّان ما قالا فهو على البادي منهما حتى يعتدي المظلوم»(٢).
  الحكم الثاني: أن العفو وترك الجهر بالسوء أفضل، ولهذا عقبه تعالى بقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً}[النساء: ١٤٩] أي: يفعل ذلك ويقدر على العفو عن سيئاتكم، وحديث قيام رسول الله ÷ حين رد أبو بكر دلالة على حسن العفو، وأنه أولى من الرد، والمحبة هاهنا بمعنى الإباحة، لا أن ذلك يريده الله تعالى وتسميته سوءا لكونه يسوء المقول فيه وإلا فليس بقبيح في هذا الحال.
  وأما ما ذكر في أمر الضيافة فقد ذكرنا كلام الحاكم أنه ليس بالوجه، ويحتمل أن هذا حين كانت واجبة وقد نسخت(٣).
  وقد قرئ في الشاذ (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) بفتح الظاء على البناء للفاعل، والمعنى: إلا من ظلم فالجهر له بالسوء جائز، بمعنى أن الغير يجهر بذمه، أو على الانقطاع أي: ولكن الظالم راكب لما لا يحبه الله فيجهر، وقول من قال: إلا هنا بمعنى الواو أي: ومن ظلم، مثل.
  وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
  فخلاف الظاهر.
(١) وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} وقوله لعائشة، وقد أسمعتها زينب سبا: (دونك فانتصري) ذكر معناه في الكشاف في سورة الشورى.
(٢) وسيأتي الخبر هذا بعينه في قوله تعالى في سورة المجادلة: {وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ} وفي غيره أيضا.
(٣) وظاهر كلام أصحابنا أن الضيافة واجبة، وأنها غير منسوخة، والله أعلم، وخاصة على أهل الوبر. (ح / ص).