تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {إلا ما ذكيتم}

صفحة 21 - الجزء 3

  السبع وهو حي وذكي هل يحل أم لا؟ فقال: إن جعلنا الاستثناء متصلا حل، وإن جعلناه منقطعا حرم.

  وهاهنا فرع: وهو إذا أدرك الصيد من الكلب ونحوه وفيه حياة، ولم يقدر على ذبحه فقال الأخوان: يحرم؛ لقوله تعالى: {إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ} وهذا غير مذكى.

  وقال مالك، والشافعي، والوافي: إذا لم يقدر على ذبحه حتى مات جاز أكله؛ لأنه لا يؤمر إلا بما يقدر عليه، فإذا مات فورا قبل أن يتمكن لو كان معه آلة حل⁣(⁣١)، وقال أصحاب أبي حنيفة: إن كانت الجراحة مما لا يبقى معها الحيوان أكل، وإن كان يبقى لم يؤكل.

  وهاهنا تكميل لهذه الجملة: وهو أن يقال: قوله تعالى: {إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ} يعم الرجل، والمرأة، والطاهر، والحائض، والخنثى، والأغلف، والآبق، والأخرس، والمجنون، والسكران، وقيس الصبي على البالغ؛ لأن كل واحد منهما محكوم بإسلامه، لكن يشترط في الأغلف أنه لا يتركه استخفافا؛ لأنه يصير مرتدا إذا استخف بالسنة، وكذلك يدخل الفاسق؛ لأنه مخاطب، وقد ذكر هذا الأخوان تخريجا.

  وعن الإمام المتوكل أحمد بن سليمان، والوافي: لا تجوز ذبيحة الفاسق⁣(⁣٢)، وهذا جلي إن قلنا بكفر صاحب الكبيرة، ولم تثبت المنزلة بين المنزلتين، وهذا مذهبنا، والشافعي.


(١) وهو المختار للمذهب، وهو الذي بنى عليه في البحر وغيره.

(٢) لم يحرم الإمام أحمد بن سليمان ذبيحة كل فاسق، بل من كان لا فارق بينه، وبين الكافر، وهو الذي لا يقيم الصلاة، ولا يؤتي الزكاة، ولا يصوم، ولا يحج البيت، ويأتي كل ما عرض له من القبائح، وأجاز ذبيحة من يكون مقيما للصلاة، مؤديا للزكاة، والغالب من حاله التمسك بالإسلام، وإن ارتكب محرما في الأق لمن أوقاته عند غلبة شهوة، أو حاجة ماسة، أو شدة غضب، هذا كلامه، واحتج له بحجج يمكن المناقشة فيها، ذكر هذا في أصول الأحكام.