قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}
  لأنه لا يوصف بذلك إلا الله تعالى، وقد قال النواوي(١): يحرم تحريما غليظا.
  وفي الحديث عن النبي ÷: (إن أخنع(٢) اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك) وهذا لا حق بدلالة الآية.
  الحكم الرابع: أن طلب النسل يكون مندوبا إليه، رجاء أن يكون فيه من يطيع الله تعالى؛ لأنه قد ذكر بعض المفسرين في قوله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٣٠] أن المراد أن يكون من ذريته أنبياء وأولياء وعلماء.
  وقد حكى الله تعالى دعاء زكريا # لربه في هبة الولد في مواضع من القرآن في آل عمران في قوله تعالى: {قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ}[آل عمران: ٣٨] وفي سورة مريم، في قوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}[مريم: ٥] وفي سورة الأنبياء في قوله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ}[الأنبياء: ٨٩] وسأل إبراهيم # كما حكى الله تعالى في الصافات في قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات: ١٠٠] وجعل تعالى حصول الولد الصالح نعمة، ولهذا ذكر البشارة به نحو: {فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}[الصافات: ١٠١] {وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات: ١١٢] {يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى}[مريم: ٧].
  ولكن إنما يستحب طلبه لصلاح في الدين، ونفع يعود إلى الوالد،
(١) النواوي هو: يحي بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام، النووي، الدمشقي، الشافعي، أبو زكريا، محي الدين، علامة بالفقه والحديث، مؤلفاته كثيرة، ولد في نوى، قاعدة (الجولان) من أرض حوران (سوريا) حاليا، من أعمال دمشق سنة ٦٣١ هـ وتوفي بها سنة ٦٧٦ هـ.
(٢) أي: أقبح وأذل.