قوله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير}
  هو منسوخ بآية السيف، وهي قوله تعالى في سورة براءة: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ}(١) عن قتادة.
  وقيل: بقوله تعالى في سورة الأنفال: {وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} عن أبي علي.
  والقول الثاني: إنها محكمة، واختلفوا من الذي أمر ÷ بالعفو عنهم؟ فقيل: الكفار الذين نقضوا؛ لأن العفو وترك الهجران(٢) يكون أدعى لهم إلى الإجابة، وقيل: العفو الذي أمر به على القليل الذين استثنى الله تعالى بقوله: {وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً} وقيل: الذين أمر بالعفو عنهم هم الذين آمنوا من أهل الكتاب، وهم القليل، عن أبي مسلم.
  قوله تعالى: {يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}[المائدة: ١٥]
  النزول:
  روي أن نفرا من اليهود اجتمعوا لأجل زانيين زنيا، وقالوا: نتحاكم إلى محمد فجاءوه وسألوه، فقال: «من أعلمكم بالتوراة»؟ قالوا: عبد الله بن صوريا، فدعاه وناشده الله أن يخبره بحد الزاني في التوراة، فقال:
(١) هذا عن قتادة، وينظر في هذا، فالمشهور أن آية السيف هي قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}[التوبة ٥] على ما ذكره المفسرون، وفي كتاب الناسخ والمنسوخ: وقيل: إنها ناسخة لمائة وأربعة وعشرين آية.
(٢) الهجران: بكسر الهاء. شمس العلوم.