تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}

صفحة 95 - الجزء 3

  وروي أن آدم مكث بعد قتله حزينا مائة سنة لا يضحك وأنه رثاه بشعر وهو:

  تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح

  تغير كل ذي طعم ولون ... وقل بشاشة الوجه الصبيح

  أهابيل إن قتلت فإن قلبي ... عليك اليوم مكتئب قريح

  قال جار الله⁣(⁣١): نسبة الشعر إلى آدم كذب بحت، وما هو إلا منحول ملحون، وقد صح أن الأنبياء معصومون من الشعر⁣(⁣٢).

  وفي ذلك دلالة على أن إرادة الله تعالى لدفن الميت فلذلك أضاف الفعل إلى نفسه بقوله تعالى: {فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ}.

  قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}⁣[المائدة: ٣٢]

  ظاهر دلالة الآية: أن قتل النفس الواحدة من غير مبيح لقتلها كقتل الناس جميعا وإحياءها كإحياء الناس جميعا، وفي توجيه ذلك وجوه:

  الأول: أنه كان كذلك من جهة الاقتداء، ولهذا قال ÷: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى


(١) الكشاف: ١/ ٦٠٨. الزمخشري استهجن نسبة هذا الشعر إلى آدم #، وقال: إنه ملحون منحول، وما هو إلا كذب بحت ... ثم يقال أيضا: وهل كان آدم يتكلم العربية، الظاهر عدم ذلك.

(٢) هذا صحيح في نبينا محمد ÷، وينظر في غيره من الأنبياء هل ذلك ثابت أم لا.