قوله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}
  يوم القيامة من غير أن ينقص من وزرهم شيء» فيكون عقاب القاتل المسبب كعقاب ما فعل وما حصل بسبب فعله، وكذلك ثواب الفاعل يثاب على الفعل وعلى ما حصل بسبب فعله، ولهذا صور كثيرة:
  منها: ثواب الوالد، والواقف، والعالم، على أثر ما فعل، ويكون نظيرا لما قيل في قوله تعالى: {وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ} ومطابقا للحديث عنه ÷: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» وهذا معنى الحديث.
  ويأتي مثل هذا: إذا أوصى بوصية أثيب على الوصية، وعلى فعل الغير؛ لأنه سبب وصيته، ولو لم يمتثل الموصي إليه أثيب على إيصائه فقط، ولا تقل: أثيب على فعل غيره.
  ومن هذا السّلام الابتداء ثوابه أكثر من ثواب الرد، وإن كان الابتداء سنة، والرد واجب(١)؛ لما كان المبتدئ سببا للرد، وللسيد الأفضل حمزة بن القاسم:
  وما سنة أربى على الفرض فضلها ... إذا ما هناك العاملون تفاضلوا
  فقل من بدانا بالسلام ففرضنا ... تحيته والبدؤ للرد فاضل
  فهذا وجه ذلك، لا أنه يجب عليه دية الناس.
  قال الحاكم: وقد قال مشايخنا: إن المعصية تعظم لوجهين:
  أحدهما: ما يقارنها.
  والثاني: ما يحصل في المستقبل من التأسي، وكذا الطاعة، وقيل: إن عليه إثم كل قاتل عن أبي علي: لأنه سن القتل، فالمعنى: فكأنما قتل الناس جميعا، يعني: من قتل الناس بغير حق.
(١) رفع (واجب) على أن الواو للحال لا للعطف، والرد مبتدأ وواجب خبره، ولم يعطفه على اسم إن وخبرها.