تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وكلوا}

صفحة 156 - الجزء 3

  النزول

  قيل: لما نزل {لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} قالوا: يا رسول الله فكيف نصنع بأيماننا التي حلفنا، وكانوا حلفوا على ما اتفقوا عليه، فأنزل الله: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ} الآية.

  وثمرة هذه الجملة تظهر ببيان الحالف، والمحلوف به من الأيمان، وصفة الحلف، وموجب اليمين، فأما بيان الحالف فهو: أن يكون بالغا عاقلا، مختارا، مسلما⁣(⁣١)، أما البلوغ والعقل فذلك ظاهر، إذ ليسا بمخاطبين، ولو كان سكرانا كان حلفه كطلاقه، كما قيل في إبلائه.

  وأما قولنا: مختارا / فالمكره على الحلف لا تنعقد بيمينه عند عامة أهل البيت، والشافعي، ومالك؛ لقوله تعالى: {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} وقياسا على كلمة الكفر.

  وقال أبو حنيفة: تنعقد يمينه لعموم الأدلة، أما لو أكرهه إمام أو حاكم انعقدت إجماعا، لئلا تبطل فائدة ولايتهما.

  وأما لو حنث مكرها أو ناسيا، وكان حلفه مختارا فإنه يحنث عند القاسمية⁣(⁣٢)، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة؛ لأن اليمين قد انعقدت، والضمان يصح مع النسيان، والإكراه على قول.

  وقال الناصر: وأحد قولي الشافعي، وهو محكي عن الصادق، والباقر، ومالك في رواية، والمنصور بالله: لا يحنث⁣(⁣٣)، احتجوا بقوله تعالى في سورة الأحزاب: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ} وقوله تعالى: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا}.


(١) غير أخرس.

(٢) وهو المختار، وعليه الأزهار.

(٣) وهو المختار، وهو قول المؤيد بالله، والمرتضى يقول: على المكره، والمذهب قول المؤيد بالله.