وقوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل}
  وقال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي: ومروي عن عمر: إن الجزاء يجب على العامد والخاطئ.
  وعن الزهري: نزل الكتاب بالعمد، والسنة بالخطإ.
  حجة الأولين: أن الله تعالى قيد ذلك بالعمد، فقال تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً} وقال: {لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ} فلو أوجبنا ذلك في الخاطئ، لبطل التقييد بالعمد.
  قالوا: إنما قيد بالعمد؛ لأن السبب ورد فيه؛ لأنه روي أنه عنّ لهم عام الحديبية حمار وحش، فحمل عليه أبو اليسر(١) فطعنه برمحه فقتله، فقيل: له: إنك قتلت الصيد وأنت محرم، فنزلت.
  قلنا: إنه لا يلحق الأدنى بالأعلى، وإنما الواجب العكس، وهو إلحاق الأعلى بالأدنى كما ورد في كفارة قتل الخطأ على قول من أوجب الكفارة في العمد.
  قالوا: إنا وجدنا إتلاف الأموال يستوي فيها العمد والخطأ؟
  قلنا: هذا معارض بظاهر الآية، ويعارض أيضا بثبوت القود في العمد لا في الخطأ، وسبيل هذا سبيل قوله ÷: «في سائمة الغنم الزكاة».
  قالوا: وجدنا فاعل السبب يتعلق به الجزاء وهو كالخاطئ، وذلك كحفر البئر ونصب الشبكة، وأيضا الدال يجب عليه.
(١) وفي الكشاف مثل ما هنا، وصوب بأبي قتادة، والبغوي أيضا مثل الكشاف، وكذا في النيسابوري أيضا، وفي جامع الأصول أبو قتادة، وسيأتي ذكر أبي اليسر، واسمه واسم أبيه ونسبه في آخر هود في قوله: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} الآية وسيأتي في تفسير قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ} الآية قصة أبي قتادة بعد قصة الصعب بن جثامة، فلعلهما قضيتان. والله أعلم. (ح / ص) ..