تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل}

صفحة 192 - الجزء 3

  قال في (شرح الإبانة): أوجبنا فيه بقرة؛ لأنه أشبه بها، ولأن البقرة الوحشية خير من حمار الوحش، وفيها بقرة، فلم نوجب في الأدنى خيرا مما في الأعلى.

  الوجه الرابع: ذكره جار الله⁣(⁣١): أن التخيير إنما يستقيم استقامة ظاهرة إذا قوّم، ثم خير في القيمة بين الهدي، والكفارة، والصيام، فأما إذا كان التخيير بين المثل في الخلقة وبين غيره كان التقدير فجزاء مثل ما قتل، أو كفارة طعام مساكين، أو عدل ذلك صياما، فكأنه خير بين المثل، وبين غير المثل، وعلى التفسير بأن مثل القيمة لا تخيير فيه، ولكن التخيير فيما يفعل بالمثل، هل يكون هديا بالغ الكعبة، أو غيره من الصدقة والصيام؟

  أما قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً} فهو يحتمل هل أراد ما يعدل القيمة، أو ما يعدل المثل في الخلقة.

  وأما قراءة الإضافة وهي قوله تعالى: {فَجَزاءٌ مِثْلُ} فاللفظ يقضي أن الجزاء لمثل الصيد لا له⁣(⁣٢)، فالحنفية يقولون: إن الجزاء لمثل الغزال مثلا، وذلك قيمة غزال آخر لو كان حيا؛ (لأن الميت لا يقوم)⁣(⁣٣) ولا يلزمهم أن يكون الجزاء للمثل الذي هو القيمة؛ لأن القيمة لا جزاء لها، وإن قلنا: الجزاء لمثل الغزال المقتولة والمماثلة لها.


(١) لفظ الكشاف أوضح مما أورده المصنف بالمعنى عن الكشاف، ولفظ الكشاف: على أن التخيير الذي في الآية بين أن يجزي بالهدى أو يكفر بالإطعام أو بالصوم، إنما يستقيم استقامة ظاهرة بغير تعسف إذا قوّم ونظر بعد التقويم أيّ الثلاثة يختار، فأما إذا عمد إلى النظير وجعله الواجب وحده من غير تخيير - فإذا كان شيئا لا نظير له قوّم حينئذ، ثم يخير بين الإطعام والصوم - ففيه نبوّ عما في الآية. ألا ترى إلى قوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً} كيف خير بين الأشياء الثلاثة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتقويم

(٢) يقال: هذا ينافي ما سبق له في توجيه قراءة نافع وغيره، فعلى ما سبق لا وجه لهذا.

(٣) ما بين القوسين محذوف من بعض النسخ، لأنه قد أغنى عنه قوله لو كان حيا.