وقوله تعالى: {أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما}
  فأطلق أهل المذهب أن الخيار إلى القاتل، وحكي هذا في (شرح الإبانة) عن أبي حنيفة، وأبي يوسف.
  وإطلاق (شرح الإبانة) عن الناصر، والشافعي، وذكره أبو جعفر للقاسمية، ومثله في النهاية لمالك أن الخيار إلى الحكمين.
  وجه القول الأول: أن الله سبحانه وتعالى رتب حكم العدلين على المماثلة واستئناف الإطعام والصوم، ولم يشترط فيه حكم، وإذا حكم في صيد بمثل له فهل يعاد الحكم في قتل آخر، أو يستمر ظاهر المذهب أنه يستمر، وعن مالك يعاد الحكم.
  الحكم الثاني: إذا أراد أن يطعمهم فهل يعتبر العدد، كما في كفارة اليمين أو لا يعتبر؟ ... (١)
  الثالث: إذا أراد الصوم هل يجب التتابع في ذلك؟(٢)
  قال جار الله: وفي قراءة جعفر بن محمد، وروى محمد بن جعفر(٣)، وذلك نسختان في الكشاف (يحكم به ذو عدل منكم)، وأراد به من يعدل، لا أنه أراد الوحدة.
  وقيل: أراد الإمام، وقرأ الأعرج: (أو كفارة طعام مسكين) وأراد الواحد الدال على الجنس، وقرئ: (أو عدل) - بكسر العين -، وعدل الشيء بالكسر ما عدل به في المقدار، وعدل الشيء بالفتح: ما عادله من غير جنسه، كالصوم والإطعام، وهاتان القراءتان شاذتان.
  قال الحاكم: وكما دلت الآية على الرجوع إلى ذوي العدل في المماثلة ففي ذلك دلالة على جواز الاجتهاد، وتصويب المجتهدين،
(١) بياض قدر ثلاثة أرباع السطر. (لا يعتبر ذلك على المذهب).
(٢) بياض قدر نصف سطر. (ظاهر ما اختاروه للمذهب وجوب التتابع، وقوي).
(٣) ينسب ابن جني في المحتسب هذه القراءة إلى محمد بن علي، وجعفر بن محمد.