قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}
  الحكم الثاني: مأخوذ من قوله تعالى: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وهذا كان في علماء بني إسرائيل.
  والمعنى: ولا تكتبوا في التوراة ما ليس فيها، فيختلط الحق المنزل بالباطل الذي كتبتم. {وَتَكْتُمُوا الْحَقَ} يعني: صفة محمد ÷، تقولون: لا نجده في التوراة، أو حكم كذا تمحونه وتثبتون خلافه. فيدخل في هذا كتم الشهادة، وكتم الفتوى، وكتم المذاهب الصحيحة، وإظهار البدع لغرض.
  قال الحاكم: وإنما يكون كتمانا إذا مست الحاجة إلى إظهاره، وقد يجب إظهار المذهب والدليل للتهمة، أو للإرشاد.
  وهذا الكتم حيث لا يؤدي النطق بالحق إلى محظور، فإن كان يؤدي إلى محظور جاز الكتم، كالنطق بكلمة الكفر، ولأن الحسن يقبح إذا أدى إلى قبح، ولهذا قال تعالى في سورة الأنعام: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨]. ويروى لعلي بن الحسين(١) ~ وسلامه:
  إني لأكتم من علمي جواهره ... كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
(١) علي بن الحسين # هو: الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، العلوي الحسيني، أبو محمد زين العابدين، سمع أباه، وابن عباس، والمسور بن مخرمة، وأبا رافع، وعائشة، وأم سلمة، وصفية، وآخرين، وعنه أولاده محمد، وعبد الله، وزيد، وعمر، والحسين، وعلي، والقطان، والزهري، وآخرون، قال القطان: هو أفضل هاشمي رأيت بالمدينة، وقال الزهري: ما رأيت أفضل منه، ولد # سنة خمسين، وهي السنة التي ولد فيها الزهري، وقال أبو طالب في الإفادة: ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وقيل غير ذلك، قال الزبير بن بكار: كان عمره يوم الطف ٢٣ سنة، قال السيد الحافظ: فضائله # أكثر من أن تحصى، أو يحيط بها الوصف، قال الجاحظ في كتابه الذي صنفه في فضل بني هاشم: أما علي بن الحسين فلم أر الخارجي في أمره إلا كالشيعي، ولم أر الشيعي إلا كالمعتزلي، ولم أر المعتزلي =