وقوله تعالى: {أو يخافوا}
  مِنْ شَهادَتِهِما} اختلف المفسرون في هذه اليمين فقيل: هي اليمين الأصلية؛ لأن الوصيين لما ظهرت خيانتهما ادعيا الشراء، فحلف الورثة، لكن تحليف اثنين، وكونهما يحلفان أن شهادتهما أحق من شهادة الوصيين، أي: من أيمانهما، قد قال الحاكم: لا بد فيه من نسخ.
  وقيل: إذا ظهرت خيانة الشاهدين الأولين بشهادة آخرين بخيانتهما، حلف الشاهدان الآخران، ووجب الحق، وهذا مروي عن الحسن، وقال: إن ذلك ثابت غير منسوخ.
  وقيل: إن هذه اليمين هي المردودة، وأن الورثة يحلفون يمين الرد إذا طلب الوصيان تحليفهم، وهذا القول وهو ثبوت المردودة مذهب الهادي، والشافعي، وهو مروي عن عمر، وعثمان، وحذيفة، والمقداد.
  واحتج من أثبتها بقول الله تعالى: {أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ} ولا موضع يثبت فيه الرد إلا ما ذكرنا، والاستدلال بهذه الآية محتمل؛ لأن القصة وسببها لم يرو فيها الرد، وعند أبي حنيفة وأصحابه، وهو مروي عن الناصر: أن المردودة غير ثابتة لقوله ÷: «البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه».
  واتفقوا في أيمان أنها لا ترد، كيمين التهمة، والقسامة، والموجبات(١)، وما كان فيه حق لله، كيمين القذف.
  قال الحاكم: وفي الآية دلالة على أن شهادة الزور، وكتم الشهادة من الكبائر، والدلالة من هذا على ما ذكره محتملة(٢).
  أما كون ذلك اعتداء وظلما فلا إشكال.
(١) وهن المتممة، والمؤكدة، والمردودة.
(٢) لا وجه لما ذكره من الاحتمال مع قوله {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} ومن غير هذه الآية مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}.