تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}

صفحة 248 - الجزء 3

  الله» فأبوا واشمأزوا، وقالوا: إما أن تكف عن آلهتنا وسبها، أو لنسبن من أمرك بهذا، فنزلت الآية، فقال ÷: «لا تسبوا ربكم» فأمسك المسلمون عن سب آلهتهم، عن السدي.

  ثمرة هذه الآية: أن الحسن يصير قبيحا إذا كان يحصل القبيح بفعله⁣(⁣١).

  قال الزمخشري⁣(⁣٢): وسب آلهتهم قربة وطاعة، لكن نهوا عن ذلك؛ لأنه يؤدي إلى قبيح.

  وقال الحاكم: نهوا عن سب الأصنام لوجهين:

  الأول: أنها جماد لا ذنب لها.

  والثاني: أن ذلك يؤدي إلى المعصية بسب الله تعالى.

  قال: والذي يجب علينا بيان بغضها⁣(⁣٣)، وأنه لا يجوز عبادتها، وأنها لا تضر ولا تنفع، وأنها لا تستحق العبادة، وهذا ليس بسب، ولهذا قال أمير المؤمنين يوم صفين: لا تسبوهم، ولكن اذكروا قبيح أفعالهم.

  واعلم أن المعصية إن كانت حاصلة لا محالة سواء فعل الحسن أم لا، لم يسقط الواجب، ولا يقبح الحسن، ولهذا قال الحسن لما رجع ابن سيرين، وقد خرج إلى جنازة فرأى ابن سيرين النساء فرجع، فقال


(١) إن قيل: قوله تعالى: {وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً} يقضي بخلافه، ويمكن الجواب عن هذا أن المراد إذا كان الحسن هو الداعي إلى القبيح بحيث لولاه لما فعل، كما في السب، بخلاف النداء إلى الصلاة فليس من المعابة، لأنهم مستهزءون بجمع هذا النداء، وإنما ذلك كالمذكر، وإلا فهم بانون عليه سواء نودي للصلاة أم لا، وقد أشار سيدنا عادت بركاته إلى معنى هذا في قوله، واعلم أن المعصية إن كانت حاصلة لا محالة ... الخ.

(٢) الكشاف ٢/ ٤٣.

(٣) لعله يريد: باعتبار ما يتعلق بها من الأفعال لا لذاتها؛ والله أعلم (ح / ص).