قوله تعالى: {وأنتم تتلون الكتاب}
  عالمون بلزومه، وأن من أمر بالبر لا لحسنه كان كأنه لم يأمر، إذ لم يأت به على وجهه.
  قال في الكشاف: عن محمد بن واسع «بلغني أن ناسا من أهل الجنة اطلعوا على ناس من أهل النار، فقالوا لهم: قد كنتم تأمروننا بأشياء عملناها فدخلنا الجنة، فقالوا كنا نأمركم بها ونخالف إلى غيرها».
  وفي السفينة(١) عن أسامة بن زيد(٢) عن النبي ÷ قال: «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور كما يدور الحمار بالرحا، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: فلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر ولا أنتهي».
  الأقتاب: جمع قتب - بكسر القاف - وهي الأمعاء، فكان أمره منكرا آخر، لكونه لم يأت به على وجهه، وقد ذهب إلى هذا المعنى أبو الأسود الدؤلي(٣) في قوله:
  لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
  ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
(١) كتاب للحاكم الجشمي المحسن بن كرامة.
(٢) أسامة بن زيد هو: أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل، الكلبي الأمير، حب رسول الله ÷ وابن حبه، يكنى أبا محمد، وأبا زيد، مات سنة ٥٤ هـ وهو ابن ٧٥ سنة بالمدينة.
(٣) أبو الأسود هو: ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي، الكناني، تابعي، واضع علم النحو بأمر امير المؤمنين علي #، من الفقهاء، والأعيان، والأمراء، والشعراء، والفرسان، وحاضري الجواب، سكن البصرة خلافة عمر، وولي إمارتها في ولاية الإمام علي #، شهد مع الإمام علي صفين، وهو أول من نقط المصحف، ولد سنة ١ قبل الهجرة، وتوفي سنة ٦٩ هـ.