قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون}
  واختلف في تقدير الكلام في قوله تعالى: {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} فقيل: لفظة لا زائدة، كقوله تعالى: {ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} وقيل: قد تم الكلام عند قوله: {ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ} وقوله: {عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا} ويكون إغراء، وقيل: (أن) بمثابة أي، فتكون مفسرة، أي: لا تشركوا به.
  وعن الزجاج: أنه يقدر أوصى، فالتقدير {ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} أوصى {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} وقيل: التقدير: اتلوا ما حرم ربكم عليكم فعله وتركه، فمما حرم عليكم فعله الشرك، وقيل: غير ذلك.
  الثانية: قوله تعالى: {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} قيل: لما كانت نعمة الوالدين تالية لنعمة الله تعالى في التربية قرن ذلك بالأمر بعبادة الله تعالى، والنهي عن الإشراك، وقد فرع على هذا فروع منها: وجوب نفقتهما مع الإعسار، ولو كانا كافرين، بخلاف سائر الأقارب.
  قال الحاكم: والإحسان ما يخرجه عن حد العقوق، ومثل هذا قوله تعالى في سورة لقمان: {وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً} وكان نزول آية لقمان في سعد بن أبي وقاص وأمه، لما طلبته يرجع إلى الكفر، وهذا في الحربيين، فالسبب يقضي بلزوم نفقة الحربي على ولده المسلم.
  وقيل (الفقيه يحيى بن أحمد): هذا الإنفاق على الذمي لا على الحربي.
  ومنها: أنه لا يحج إلا بإذنهما، وكذا لا يخرج لجهاد، ولا لطلب علم.
  وهذه المسألة قد اختلف فيها، فقال الشيخ أبو جعفر: يجوز الخروج من غير إذنهما، وهكذا قال المنصور بالله.