قوله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون}
  وأما إذا طاف عاريا فقد قيل: هذا كما لو طاف محدثا(١)، وقد اختلفوا في ذلك فقال مالك، والشافعي: لا حكم لهذا الطواف، كما لو صلى عاريا.
  وقالت الهدوية، والحنفية: له حكم، لكن قد نقض، فلا بد فيه من الإعادة، أو الجبران بالدم، واحتجوا بعموم قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وليطوفوا بالبيت العتيق ولم يشترط طهارة.
  وقيل: إن هذا الأمر(٢) للندب. واختلف ما المأمور به؟ فقيل: التزين للجمعة، والأعياد، وقيل: المشط، والطيب، والخاتم، والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئة للصلاة، ولهذا ندب السواك.
  وروى الحاكم في السفينة أنه ÷ قال لسلمان: «ألا أحدثك من غرائب حديثي؟ قلت: بلى يا رسول الله، فقال: (ما من عبد يقوم في ظلمة الليل، وغفلة الناس، فيستاك ويتوضأ، ويمشط لحيته، ويأخذ من صالح ثيابه، وإن حضره طيب مسه، وإن لم يحضره تمسح بالماء، فإنه طيب أهل العبادة، ثم يستقبل القبلة بكل قلبه، ثم يصلي) إلى آخر الخبر، وفيه طول، ثم قال: «إلا جعل الله بينه وبين النار ستة خنادق» إلى آخر الحديث.
  وأما الأمر بالأكل والشرب، فهذا الأمر للإباحة، وفيه رد لما كان المشركون يفعلون من ترك الأكل للدسم، واللبن في أيام الحج.
  وأما النهي بقوله تعالى: {وَلا تُسْرِفُوا} قيل: أراد بالسرف: الإنفاق في المعصية، والرياء، والفخار، وقيل: لا يتعدى ما أحل له وما حرم عليه، وقيل: لا يتجاوز ما يليق به من قلة المال وسعته، فمن له يسير من
(١) وهو الذي بنى عليه في الأزهار، قال: والتعري كالأصغر.
(٢) أي: في قوله تعالى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.